المحرر - اليسار الفرنسيّ الجديد : اليسار البروليتاري ....... ( 1)
رسالة خاصة إلى " المحرر " من باريس ....
اليسار الفرنسيّ الجديد : اليسار البروليتاري ....... ( )
باريس : من د. مصطفى دندشلي
صدر أخيراً الحكم بالسجن مدة 18 شهراً على " آلان جشمار " بتهمة تحريضه على أعمال العنف والشغب التي اندلعت نيرانها في فرنسا ، خصوصاً في باريس ، في أواخر أيار الماضي . كما أنّ " جسمار " ينتظر الآن محاكمة ثانية ، ولكن هذه المرة ، بتهمة محاولة إعادة تنظيم سياسيّ منحلّ بقرار من الحكومة الفرنسيّة : اليسار البروليتاري .
هذه المحاكمة وهذا الحكم أثارا ضجّة واسعة في كثير من الأوساط السياسيّة وفي الصحافة في فرنسا . وبالفعل ، فإنّ إغلاق صحيفة بغض النّظر عن لونها السياسيّ ، أو منع حركة سياسيّة من حرية العمل ، من شأنه رأساً أن يثير هنا موجة من الاستياء ويعتبر طعنة موجهة إلى حرية الرأي وحرية التفكير . لهذا فقد رأينا أخيراً أصوات الاستنكار ترتفع عالياً لصدور قرار منع " قضيّة الشعب" من الظهور ( الجريدة الناطقة باسم اليسار البروليتاري ) حتى من بعض الأوساط سياسيّة كانت أم صحفيّة ، التي هي على خلاف أساسيّ معه .
ولكن ، من هو " آلان جسمار " ؟... ولِمَ هذه الضجّة التي أثيرت حول محاكمته ، وتدخل شخصيّة فلسفيّة كبيرة كسارتر للدفاع عنه .... في الشارع ؟... أو بمعنى آخر ، ما هو الاتجاه السياسيّ الذي يمثله " جسمار "، وما هي ظروف تكوينه وأهميته الحاليّة والدور الذي يلعبه الآن .
المنعطف التاريخيّ لحوادث أيار 1968
للإجابة على هذه الأسئلة ، وفي نفس الوقت ، لإلقاء بعض الضوء سريعاً على جانب مهمّ ممّا يسمّى الآن هنا ، اليسار الجديد المتطرف يجب علينا أن نعود قليلاً إلى الوراء ، وأن نسترجع في أذهاننا الحوادث الطلابيّة الضخمة التي انفجرت في أوائل أيار 1968 ، في الحيّ اللاتينيّ ، وعمّت في وقت قصير جداً جميع أنحاء فرنسا ، ثمّ تبعها تحرّك أكثر من 10 مليون عامل في إضراب عام دام أكثر من شهرين . بل ، ويمكننا أن نقول في هذا المجال بأنّ هذه الحوادث ، حوادث أيار ، لها أهميّة كبرى وفي مختلف النّواحي . إنّها إلى حدّ كبير جداً ، تكون منعطفاً تاريخياً في الحياة الفرنسيّة العامة لا يقلّ أبداً وفي كثير من الجوانب عن المنعطف التاريخيّ للثورة الفرنسيّة 1789 .
ومهما يكن من أمر فإنّ " جسمار " الذي يشغل منصب سكرتير عام نقابة الأساتذة في المعاهد العليا ، كان أحد ثلاثة لعبوا دوراً قيادياً بارزاً في الحركة الطلابيّة . هذا على صعيد الأفراد القياديين ، أمّا من ناحية الحركات السياسيّة ، سواء منها الناشئة أم التي كان لها وجود سابق ، فإنّه يمكننا أن نسمّي ثلاثة تيارات كبيرة : المنظمات التروتسكيّة ، التيار الفوضويّ والاتجاه الشيوعيّ الصينيّ الجديد . فإنّنا الآن سنقتصر في الحديث على هذا الاتجاه الأخير تاركين الحديث عن الاتجاهين الآخرين إلى وقت آخر .
ظهور التيار الصينيّ
ظهر الاتجاه الصينيّ في فرنسا ـ وكما حصل في جميع أنحاء العالم تقريباً ، كنتيجة مباشرة للخلاف الصينيّ السوفياتيّ . في خلال 1966 ـ 1967 ، نشأ تكوين سياسيّ جديد تحت اسم الحزب الشيوعيّ الماركسيّ اللينينيّ الفرنسيّ ( ذي الاتجاه الصينيّ )، وذلك نتيجة انشقاق بعض المنظمات العماليّة من الحزب الشيوعيّ الفرنسيّ . وقد أصدر في نفس الوقت جريدته الناطقة باسمه "الإنسانيّة الحمراء ". ولكن في الحقيقة ، لم يلبث هذا الاتجاه الصينيّ أن ضعف شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح حالياً عبارة عن تجمّع صغير لا أثر له يذكر في مجرى الأحداث السياسيّة الفرنسيّة .
ومن ناحية ثانية ، فقد تكون في نفس الوقت تقريباً تجمّع صينيّ ، هذه المرة ، من الطلاب والمثقّفين عرف باسم : اتحاد الشبيبة الشيوعيّة الماركسيّة اللينينيّة . ومن خلال كتاباته عن الثورة الثقافيّة الصينيّة بالدرجة الأولى ، استطاع اتحاد الشبيبة الشيوعيّة أن تنتشر في الأوساط الطلابيّة انتشاراً سريعاً وأن يكسب قسماً مهماً منها إلى جانبه . لهذا ، فإنّنا نستطيع أن نقول بأنّه كان أحد المحركين الأساسيين ، ليس فقط لاندلاع الحوادث الطلابيّة في الجامعات الفرنسيّة في أيار 1968 ، وإنّما كان أيضاً أحد قادة الحركة الأساسيين . ولكن مع ذلك ، فإنّه لم ينج هو الآخر من وقوع انشقاق في صفوفه وهذا أمر طبيعيّ إذا أخذنا بعين الاعتبار حداثة التنظيم وسرعة الأحداث وعدم استطاعته وضع استراتيجيّة وبرنامج سياسيّ للحركة اتجاهان صينيان جديدان إذن قد ظهرا !... الأول ، وهو ما يعرف الآن تحت اسم : تحيا الثورة والثاني وهو الأكبر والأكثر أهميّة من الأول ، يسمّى ، اليسار البروليتاريّ .
اليسار البروليتاري
إنّ كلّ حركة سياسيّة هي بنت واقعها وظروفها السياسيّة والتاريخيّة . فبقدر ما تتهيأ لها الإمكانيات الذاتيّة لتجيب ولتلبي هذه الظروف الموضوعيّة سواء كانت منها الداخليّة أو الخارجيّة ، فإنّ حظّها من النجاح يكون من غير شكّ أكبر إذا كان الأمر كذلك فإنّ من غير الممكن عملياً فهم نشوء وتكوين سياسة اليسار البروليتاريّ ، كتنظيم سياسيّ يسعى لإحداث ثورة عنيفة اشتراكيّة في فرنسا ، إذا أغفلنا من ذهننا هذا الحدث التاريخيّ : حوادث أيار 1968 ، هذا الحدث الذي لم يفرغ بعد المفكرون والكتاب من تحليله ودراسته من مختلف النّواحي .
إنّ اليسار البروليتاريّ ، كما رأينا قد تكون في خضم هذه الأحداث التي أخذت نقطة انطلاقها من السوربون ، من الحي اللاتينيّ . الرومنطيقيّة السياسيّة قد بلغت فيها ذروتها . عامل العفون كان فيها بارزاً . اتساعها بسرعة لتعمّ فرنسا كلّها ، قد أذهل الذين أطلقوها أنفسهم !... إذ أنّهم لم يكونوا لينتظروا أن يكتب لحركتهم هذا الانتشار السريع لتعمّ جميع الأوساط الاجتماعيّة خاصة العماليّة والثقافيّة . ولكن ، ما إن دخلت ساحة الميدان السياسيّ الأحزاب التقليديّة ومختلف المنظمات النقابيّة حتى شعرت بوضوح التكتلات السياسيّة ذات القاعدة الطلابيّة والمثقّفة الذين كانوا هم وراء حركة الرفض هذه ، حركة رفض المجتمع البرجوازيّ ، حتى شعر كلّ هؤلاء بأنّ حركتهم قد انحرفت وانحصرت في نطاق نقابيّ ومطلبيّ فقط ، في حين أنّها كانت تطمح في الأساس وبشكل رومنطيقيّ شاعريّ لتهديم المجتمع الرأسماليّ البرجوازيّ السائد . لقد فشلت الحركة الثوريّة الطلابيّة فعلاً في الوقت الذي دخل القياديون النقابيون في محادثات مع الحكومة حول رفع الأجور ، ثم الإعلان عن موعد إجراء انتخابات نيابيّة في شهر حزيران .
في هذا الجوّ قد تكون اليسار البروليتاريّ ، عملياً في حزيران ورسمياً في أيلول 1968 ، من مجموعة أخرى ـ طلابيّة هي أيضاً ـ عرفت في ذلك الوقت تحت اسم : حركة 22 مارس . لقد اتحدت هاتان الفلتان لتقومان بهجوم عنيف ضدّ هذه المحادثات النقابيّة الحكوميّة وضدّ انتخابات حزيران .
دور الطلبة في حوادث أيار
إذن ، أوّل شيء قام به اليسار البروليتاريّ هو البحث عن أسباب حوادث أيار ، تطلعاتها الثوريّة ، جوانبها الإيجابيّة والسلبيّة ، وذلك لاستخلاص منها العبر ولبناء استراتيجيّة ثوريّة عامة لنشاطه السياسيّ . وفي هذا المجال فقد كتب في إحدى نشراته الرسميّة ما يلي : " يجب أن نفهم أيار: هذا هو أوّل هدف من أهدافنا . يجب أن تكون انطلاقتنا من الواقع وأن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: كيف استطاع الثوريون في أيار أن يغيّروا الواقع ؟...".
ولكي نفهم أيار ، أي هذه الحركة العفويّة ، يجب أن نبدأ من الجامعة ، المكان الذي انطلقت منه الشرارة . التحليل الذي اتبعه الماركسيون اللينيون ، ذوو الاتجاه الصينيّ ، هو أنّه في الجوّ الثوريّ العام الذي انفجر في أيار ، برزت إلى مركز القيادة الثوريّة فئة اجتماعيّة غير بروليتاريّة ، هي فئة الطلاب والمثقّفين . هذه الفئة أخذت على عاتقها تطبيق الوسائل البروليتاريّة في النضال السياسيّ . فهذا النوع الجديد من التحرك الجماهيريّ ، تحت قيادة طلابيّة حرر فعلاً المبادرة العماليّة من عقالها وحثّ ثوريّة الجماهير العريضة المستقلة . ولأنّ الحركة الطلابيّة قد حررت وفسحت المجال للمبادرة العماليّة أن تظهر ، فقد احتلت عملياً مركزاً طليعياً من الناحية التكتيكيّة .. ولكن قيادي اليسار البروليتاريّ يعلمون جيداً بأنّ الحركة الطلابيّة لوحدها لا تستطيع أن تجيب على السؤال الذي طرحته جماهيرها والجماهير الكادحة الواسعة ، ألا وهو : استلام الحكم . إذن ، هناك تناقض أساسيّ بين ما تطمح إليه الحركة الطلابيّة وبين ما يمكنها أن تفعله ، تناقض بين " موقف تكتيكيّ للطليعة وبين عدم المقدرة من الناحية الاستراتيجيّة ".
على هذا الصعيد وبادئ ذي بدء ، انصبّ اهتمام اليسار البروليتاريّ لإيجاد حلّ لهذا التناقض ، وذلك ببناء قوة وقواعد عماليّة له مستقلة بالنسبة للحركة النقابيّة التي يسيطر على معظم عناصرها النضاليّة الحزب الشيوعيّ . اهتمّ اليسار البروليتاريّ يخلق ما يسميه بـ" القواعد الحمراء" في المصانع والتي سينطلق منها الهجوم على المجتمع الرأسماليّ البرجوازيّ .
إنّنا نلاحظ بوضوح مرحلتين في الحياة السياسيّة لهذه الحركة الصينيّة الناشئة : المرحلة الأولى تمتدّ من أيلول 1968 إلى 1969 وهي التي يمكن أن نسميها مرحلة بناء الذات ، أي تكوين النواة العماليّة الضاربة ، والمرحلة الثانية من صيف 1969 إلى وقتنا الحاضر وهي مرحلة المقاومة العنيفة .
في المرحلة الأولى ، أخذت مجموعات كثيرة طلابيّة ومثقّفة من اليسار البروليتاريّ الالتحاق بالمصانع والعمل فيها كعمال عاديين ؟... وحتى وقتنا الحاضر ، فإنّنا نوى نوعاً من " الهجرة الجماعيّة " من الجامعة إلى المعمل من القراءات النظريّة على الممارسة العمليّة . الغاية من ذلك ، كما هو واضح ، هو كسب عناصر عماليّة إلى الأفكار الماويّة ، وبناء قواعد حمراء لليسار البروليتاريّ في الطبقة العاملة . وهذه الشعارات الثلاثة التي أطلقت في ذلك الحين تحدّد وتوضح مهامه الأساسيّة التي وضعها لنفسه .
ـ فلتعش وحدة الطلاب والعمال والفلاحين .
ـ فلتعش وحدة اليسار البروليتاري .
ـ فلتعش المسيرة الكبرى للحزب الشيوعيّ الثوريّ البروليتاريّ .
أوّل ما يلفت النظر في هذا الصدد ، هو أنّ اليسار البروليتاريّ أراد أن يطبّق التجربة الصينيّة على المجتمع الصناعيّ الفرنسيّ ، وعلى غرار القواعد الحمراء التي بناها ماوتسي تونغ في الريف الصينيّ ، يريد هو أيضاً أن يبني قواعده الحمراء ولكن في المصانع ومن عناصر عماليّة كوريّة والقضاء على المجتمع الرأسماليّ البرجوازيّ وبناء المجتمع الاشتراكيّ لا يتمّ إلاّ من خلال حرب طويلة الأمد ، وهذا ما يسمّيه أيضاً بالمسيرة الكبرى .
وعلى كلّ حال ، فبالنسبة للتحليل الذي اتبعه اليسار الصينيّ الجديد للوضع الحالي في فرنسا ، متأثراً من غير شكّ في ذلك من مصدرين أساسيين : تفكير ماوتسي تونغ وحوادث أيار 1968 ، انتهى إلى أنّه قد وجد نفسه أمام أمرين لا ثالث لهما : إمّا أن يعجّل لإيجاد جوّ مضطرب وإمّا أن ينخرط باللعبة السياسيّة التقليديّة ( أي شعارات ناريّة وتحركات سياسيّة حذرة ).
لهذا فإنّه قد كتب منذ الابتداء : " منذ انتفاضة أيار 1968 ، أصبحت الأشياء واضحة : إنّنا نرفض هذا السلام الاجتماعيّ السائد . إنّ الذين يستغلون من جهة والذين ينتجون ويتعبون ويموتون على الآلة من جهة ثانية ليسوا أبداً في نفس المعسكر ، ولا يمكن أن يكون بينهم سلام . أيار 68 أشعل الحرب ، ومنذ ذلك الوقت ، السلام لم يعد ممكناً ، بل العكس ، الحرب الاجتماعيّة لا تزال تتسع يوماً بعد يوم ".
في الحقيقة ، طوال المرحلة الأولى ، كانت النشاطات السياسيّة لليسار البروليتاريّ تتصف بالعمل الصامت إلى حدّ كبير وبعدم لفت أنظار السلطة إليه بشكل ظاهر أو عنيف . لقد استمرت هذه الحال تقريباً حتى صيف 1969 أي حتى ابتداء المرحلة الثانية من عمله السياسيّ ، هذه المرحلة التي تتصف بالهجوم العنيف . فهنا نرى تغيّر في تكتيك اليسار البروليتاريّ وابتداء ما يسمّيه " الحرب الشعبيّة ".
خلق حالة حرب عامة
ما هي هذه الحرب الشعبيّة التي يسعى التيار البروليتاريّ إلى إشعالها في مجتمع صناعيّ غربيّ رأسماليّ كالمجتمع الفرنسيّ ؟... وما هي المراحل التكتيكيّة التي وضعها لإنجاح حربه الشعبيّة هذه ؟...
أولاً بالنسبة إليه ، المهمّ في هذه المرحلة هو خلق ما يسمّيه بـ" حالة حرب عامة "، أي بمعنى آخر خلق جوّ من عدم الاستقرار السياسيّ رفض النظام الرأسماليّ السائد بكلّ ما يحمل من تقاليد اجتماعيّة برجوازيّة ، ومقاومته مقاومة عنيفة تهيئان رأيه ، الرأي العام إلى ضرورة إنهاء العهد الحالي بقوة السلاح . وليس هناك من فارق كبير بين المرحلة التي ترفض فيها الجماهير الوضع الاجتماعيّ السائد وبين اللحظة التي تحمل فيها السلام وتنظم نفسها سياسياً وعسكرياً للقضاء على النظام الرأسماليّ المسيطر .
ومن ناحية ثانية ، فإنّ اليسار البروليتاريّ ـ وهذا طبيعيّ ـ قد اعتمد في تحليله للمجتمع الفرنسيّ نظريّة صراع الطبقات . فهو وإن لم يختلف في ذلك عن المنظمات والفئات الماركسيّة الأخرى ، إلاّ أنّه قد انتهى إلى نتائج مغايرة لهم كلياً ، فمثلاً هو يرى أنّ القانون السائد الآن ومنذ سنين طويلة ، هو قانون مفروض من قبل رب العمل ومن قبل الطبقة التي ينتمي إليها : الطبقة البرجوازيّة الحاكمة ... فهذا القانون إذن يعبّر في الأساس عن مصالحه . ورب العمل بالتالي يعرفه جيداً إذ إنّ هو واضعه ويعرف كيف يستغله خير استغلال لضرب أي حركة معارضة له . فبالنسبة لليسار الصينيّ الجديد ، واحد من إثنين ، إمّا أن نرضى باللعبة التي يفرضها علينا رب العمل ، فننتقده ونهاجمه ضمن نا تسمح به القوانين التي شارك في وضعها ، أي من الناحية التي ينتظرنا منها بالذات ، عندئذ فإنّنا لخاسرون حتماً ، لأنّنا في هذه الحال سنفاجأ ويقض علينا ، وإمّا أن نضرب نحن، من حيث لا يمكن لرب العمل أن ينتظرنا أي متجاوزين القانون ومستخدمين عامل المفاجأة .
هذا التحليل ، كما هو واضح ، قد أدّى باليسار البروليتاريّ إلى اعتماد أسلوب العنف في عمله السياسيّ ، وهو أسلوب جديد لم تعرفه فرنسا في تاريخها السياسيّ الحديث . الهجوم على المؤسّسات والمراكز الرأسماليّة الكبيرة والمعروفة أو على من يمثلها يحمل ذلك معنى رمزياً عنيفاً لرفض النظام السياسيّ الذي خلق هذه المؤسّسات والذي هو في نفس الوقت يحافظ على وجودها .
فشرارة الحرب هذه قد اندلعت ـ كما قلنا سابقاً ـ في صيف 1969 . ففي هذا الصدد قد أطلقت " قضيّة الشعب " الجريدة الرسميّة الناطقة باسم اليسار البروليتاريّ ، شعارها المشهور : " يا أرباب العمل : هذه هي ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[1] ) أنظر ، جريدة " المحرر "، 16 تشرين الثاني 1970 .